الإيثار بالنفس فوق الإيثار بالمال وإن عاد إلى النفس ومن الأمثال السائرة :
والجود بالنفس أقصى غاية الجود
ومن عبارات الصوفية الشيقة في حد المحبة : أنها الإيثار ألا ترى أن امرأة العزيز لما تناهت في حبها ليوسف عليه السلام آثرته على نفسها فقالت : ( أنا راودته عن نفسه ).
وافضل الجود بالنفس الجود على حماية رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ففي الصحيح :أن أبا طلحة ترس على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتطلع ليرى القوم فيقول له أبوطلحة : لا تشرف يا رسول الله ! لا يصيبونك ! نحري دون نحرك ! ووقي بيده رسول الله صلى الله عليه وسلم فشلت ].
وقال حذيفة العدوي : انطلقت يوم اليرموك أطلب ابن عم لي - ومعي شيء من الماء - وأنا برجل يقول آه ! آه ! فأشار إلي ابن عمي أن انطلق إليه فإذا هو هشام بن العاص فقلت : أسقيك ؟ فأشار أن نعم فسمع آخر يقول : آه ! آه ! فأشار هشام أن انطلق فجئته فإذا هو قد مات.
وقال أبو يزيد البسطامي : ما غلبني أحد ما غلبني شاب من أهل بلخ ! قدم علينا حاجا فقل لي : با أبا يزيد ما حد الزهد عندكم ؟ فقلت : إن وجدنا أكلنا وإن فقدنا صبرنا فقال هكذا كلاب بلخ عندنا فقلت : وما حد الزهد عندكم ؟ قال : إن فقدنا شكرنا وإن وجدنا آثرنا.
وسئل ذو النون المصري : ما حد المنشرح صدره ؟ قال ثلاث : تفريق المجموع وترك طلب المفقود والإيثار عند القوت.
وحكي عن أبي الحسن الأنطاكي أنه اجتمع عنده نيف وثلاثون رجلا بقرية من قرى الري ومعهم أرغفة معدودة لا تشبع جميعهم فكسروا الرغفان وأطفئوا السراج وجلسوا للطعام فلما رفع فإذا الطعام بحاله لم يأكل منه شيئا إيثارا لصاحبه على نفسه.