الأحد، 9 فبراير 2014


تخميس قصيدة أبى مدين الغوث
للشيخ الأكبر محيي الدين بن العربي محمد بن علي الحاتمي الطائي

يَا طالِــــباً مِن لـَــذاذاتِ الدُّنـَــا وَطَــــــــرا *** إذا أردتَّ جميــــع الخـَــــير فــــيكَ يُــرى
المُستشـــارُ أمينٌ فاســـمَــــــع الخـَــبـــــرا *** ( مالِــــذَّةُ العَيـشِ إلا صُحـــــبـة الفُقـَـــــرا
هـُـم السَّـلاطِـــــينُ والسَّــــاداتُ والأمَــرا)
قـَــــومٌ رَضُـوا بيـَـــسِيـــرٍ مِن مَـلابسِـــهم *** والقـُـــوتِ لا تخـطـُــر الدنيـا بهاجِـــسِــهم
صُـدورهُـــم خالِيـاتٍ مِن وسَـاوِســِـــــــهم *** ( فاصْحـِــــبهُمـوا وتـَــأدَّبْ فـي مَجـالِسِهم
وخَـلِّ حَظـَّـكَ مهْــــــــمَـا قـَــدَّمُـوكَ وَرَا )
اسْـــلُك طريقـَـــــــهمـوا إنْ كُنـتَ تابِعـــهُم *** واتـْــــرُك دعَــاويـكَ واحْــذَرْ أن تراجعهم
فِــــيمـا يُريدونـه واقـــــصُـد منافِعـــــــهُـم *** (واستغـْـــنِم الوقـــــتَ واحضُر دائماً معهم
واعـلم بأنَّ الرِّضا يخْـتـَــصُّ من حَــضَرا)
كـُــنْ راضِياً بهِمُـوا تـَـسْــمُ بهـم وتـَصِـــلْ *** إن أثبتـُـــوكَ أقِـمْ أو إنْ مَحَــــــوكَ فـَـــزُل
وإنْ أجاعـوكَ جُــعْ و إنْ أطعَمـُـــوك فكُـلْ *** ( ولازِمِ الصَّمـتَ إلا إن سُـــئِلــتَ فقـُـــــلْ
لا عِلـْــمَ عِنــدي وكــنْ بالجَهـــل مَستتِرا)
ولا تكـُــــــن لعـُــيـوبِ النـــاس مُنتــــقِــدا *** وإن يَكـــــن ظاهِـــرا بيـــن الوجـود بـــدا
وانظـُــرْ بعَيـــنِ كَمـَـالٍ لا تـُعِـبْ أحَــــــدا *** ( ولا تـَرَ العَيــبَ إلا فيــــكَ مُعــــــــتقِـدا
عَـيــباً بـــدا بيـِّـناً لكــــنه اسْـــــــــــــــتترا)
تنـَــلْ بـــذلِكَ مـــا تــَـرجُــوه مــــــن أدبٍ *** والنفــــــــسُ ذَلِّلْ لهـــم ذلاً بـــــلا ريـــب
بـلْ كــــــــلُّ ذلك ذُلٌّ نـَـــابَ عــــــن أدبٍ *** ( وحُـطَّ رَأسـكَ واستغـــفِر بــلا ســــــبب
وقـُـمْ عــلى قـَدَمِ الإنصَــــافِ مُعـــــتذِرا )
إن شئــتَ منــهم بريْــقاً للطـَّـريق تشـُـــــمْ *** عـــــن كــلِّ ما يَكـــرهـُوهُ مِن فِعـــالكَ ذُم
والنفـــسُ منكَ عــلى حُســـنِ الفِعــــالِ أدِم *** ( وإنْ بَــدا منــكَ عَيـــبٌ فاعتــَرفْ وأقِـمْ
وَجْـهَ اعتــذاركَ عمَّــا فيـكَ مِنــكَ جَـــرى)
لهُــم تمـَـلـَّقْ وقـُـلْ داوُوُ بصُـــــــلحِـكُمـُـوا *** بمـَــــرْهَـمِ العَفـْــــوِ مِنــكمْ داء جـُرحِكـُمُوا
أنا المُسـِــيءُ هِبُوا لي مَحـْــضَ نِصْحِكـُمُوا *** ( وقــُلْ عُبيـدكمُـوا أولى بصَـــفحِكـُــــمُـوا
فسَـــامِحُـوا وخـُـذوا بالرِّفـْــقِ يا فقـَــــرا )
لا تخـْـشَ مِنـهم إذا أذنَبـــتَ هِمَّـــــتـَـهُـــــم *** أســـنـَى وأعــظَـمُ أن تـُـردِيـكَ عِشـْـــرَتهُم
ليسـُـــوا جَبَابــِــرة تـُؤذِيــكَ سَطـْـــــــوَتهُم *** ( هُم بالتفـَــضـُّـــلِ أولـَـى وهـُـو شِيمَـتهُــم
فـلا تخـَــفْ دَرَكــاً مِنــهــم ولا ضَـــرَرا )
إذا أردتَّ بهـِـم تسْــلُكْ طَــريـقَ هُــــــــدى *** كـنْ في الذي يَطلـُــــبُـوه مِنــكَ مُجتـــــهِدا
في نـُـــــور يـــومِكَ واحـذَرْ أن تقـُول غداً *** ( وبالتغـَـنِّي عَلى الإخــــوان جُدْ أبـَـــــــدا
حِسـّــاً ومَعنىً وغـُضَّ الطَّرفَ إن عَـثرَا )
أصـــدِقهُــم الحَـق لا تسْتعمِـــل الدنَسَـــــــا *** لأنــــهم أهْـــلُ صِــدقٍ ســادَةٌ رُؤَسَــــــــــا
واسمَــــح لِكـــلِّ امْرئٍ مِنـــهم إليكَ أسَـــــا *** ( ورَاقِـــبِ الشيــخَ فِي أحـْـوالِهِ فـَـعَسـَـــى
يــَـرى عَليـــكَ مِن استِحْسَـــــانِـهِ أثـَــرَا )
وأسْــألهُ دَعـوَتهُ تحْــظَ بــِـــدَعــوَتـِـــــــــهِ *** تــــنَلْ بذَلكَ مَــا ترجُــــوا ببَــــــــــركَتـِــهِ
وحـَــــــسِّنْ الظـَّنَّ واعْـرفْ حَــقَّ حـُـرمَتـِهِ *** ( وقـَـدِّمِ الجِّـدَّ وانهَـضْ عنــدَ خِـــــــدْمَتِـهِ
عَسَـاهُ يَـرضَى وَحَـاذِرْ أن تكـُـنْ ضَجِرا )
واحْـــفظْ وصِيـَّــتهُ زِدْ مِن رِعَـــــــايَتِــــهِ *** ولـَـــبِّهِ إنْ دَعَــــا فــَــــوراً لِسَــــــــاعَتـِـهِ
وغـُــضَّ صَـــــوتـكَ بالنـَّجْــوى لِطاعَـتِـهِ *** ( ففِـي رضــَـاهُ رِضَـــا البـاري وطَاعَتِـــهِ
يَـرضَى علـــيكَ فكـُـنْ مِن تركِـهَا حَذِرَا )
والــزَمْ بمَـــنْ نفسُـــهُ نفْــسٌ مُسَـــايسَـــــة *** في ذا الزَّمـــانِ فإنَّ النــَّـــفسَ آيسـَـــــــــة
منـــهُم وحِـــرفتـُــهُم في النـــَّـاسِ باخِسَــة *** ( واعـْــلم بأنَّ طـَـريقَ القــَـــومِ دَارسَـــــة
وحَـالُ مَنْ يـَـدَّعِـيهَــا اليومَ كــيف تـَرَى )
يَحِـــــقُّ لي إنْ نَــأوْا عَنــــي لأٌلـــفتـِــــهِم *** ألازمُ الحـُــزنَ ممَّــــا بي لِفـُـــــرقَتـِـــــهم
عــلى انقِطـــاعـِي عنــهُم بَــعدَ صُحبتِهــم *** ( مَــتى أراهـُــم وأنــَّـى لِي برُؤيـَــتـِــهـِـم
أو تسمَـــعُ الأذُنُ مِنـِّــي عنــْـــهُم خبَـرَا )
تخـَـــلـُّـفِي مـَـانِعِــي مِن أنْ ألائِمـُـــــــهُــم *** منــهُم أتيـــتُ فلُمــنِي لسْـــتُ لائِمـُـــــهـُـم
يا ربِّ هَـبْ لي صـَـلاحاً كي أنَادِمُهـُــــــم *** ( ومَن لِي وأنـَّـى لِمـِـثلي أن يـُـزاحِمـُــهـم
عــلى مـَـوارِدٍ لمْ آلـَــفْ بــها كـــــَـــدَرا )
جَـــلَّتْ عن الوصْــفِ أن تحـصَى مآثِرهُم *** عـَلى البـَواطِـنِ قــدْ دَلـَّـتْ ظـَـواهِــــــرهُم
بطَــاعـةِ الله في الدنـــيا مفــَــــاخـِــــــرهُم *** ( أحِبـُّــهـم وأُداريــْــــهِم وأوثـِـــــــــــرهـُم
بمُـهجَتـِــي وخـُـــصُـــوصاً مِنهـمْ نفـَــرَا )
قـَـومٌ عـَـلى الخـَلقِ بالطَّاعـاتِ قدْ رُؤِسُــوا *** منــهُم جَلِيـــــــــسهُم الآدابَ يَقــْـــــــــتَبسُ
ومَن تخـَـلَّفَ عــــنهُم حـَـظَّهُ التعِــــــــــسُ *** ( قـَــومٌ كـِــرامُ السَّجـَـايَا حَيـــثمَـا جَلسُــوا
يبــــقـَى المـكانُ عـَـلى آثــَـارِهِم عَطِـــرا )
فهـُــم بهِـــم لا تفـَــارِقــهُم وَزِدْ شَغَفــــــــا *** وإن تخــلَّفتَ عنــهُم فانتحِـــب أسَـــفــَـــــا
عصـَــابةٌ بهـِــم يُكسـَــى الفتــى شـَــــرَفَـا *** ( يـَهـدِي التصَــوفُ مِن أخــْلاقهِم طـَـرَفـا
حُسْـنُ التــآلُفِ منـــهُـم رَاقنـِــــي نظـَـرا )
جَرَرتُ بهِـم ذَيلُ افتِخَاري فِي الهَوى بهِمُوا *** لمـَّـا رضُـوني عُــبَيـداً فِي الهَـوى لَهمـُـوا
وحـَــقـِّهم في هـَـواهم لسـْـــتُ أنسـَـــــهـُـم *** ( هُم أهلُ وُدِّي وأحبـَــابي الذيـــــــنَ هـُـمُ
مِمـَّــنْ يَجـُـــرُّ ذُيـُــول العِـز مُـفتخـِـــرا )
قطَعتُ فِي النظمِ قلبِي فِي الهَوى قطـْـعـــا *** وقـد تـوسـَّـلتُ للمَـــــولى بــهــِم طَمــعـــا
أن يغــفِرَ الله لِي والمســــلميــن معــــــــا *** ( لا زالَ شَمْـــلي بهـِــم في الله مُجـتمِــعـا
وذنـْــبُنا فيــهِ مـَغفــُــــــــورا ومغتفـــرا )
يا كــلَّ مَن ضَمَّه النادِي بمَجـْـلِسـِـــــــنـــا *** أدعُ الإلــه بهِـــم يمحـُـــــــو الذنوبَ لـنـَـا
وادعُ لِمـــنْ خَمـِّـسَ الأصْـلَ الذي حَسُـنـَـا *** ( ثمَّ الصَّـلاةُ عـَــلى المُخـــتارِ سَيــِّـــدِنـَـا
مُحَمـَّـــدِ خـَـيرُ مَن أوفـَى ومَن نــَـــذرَا )

ليست هناك تعليقات:

أخبر صديقك: