الأحد، 22 مارس 2009

محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

من خطبه لشيخنا ومربى أرواحنا العارف بالله السيد محمد أنور وهبه عابدين أحسن الله إليه وإلينا به .
 
   أحمدك اللهم حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما تحب وترضى ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، بيده مقاليد الأمور { ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين } ، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين ، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه الذين أحبوا رسول الله من كل قلوبهم ، وفضلوه على أنفسهم وأموالهم وأهليهم وأولادهم { أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون } .

أما بعد :-


فمن قواعد الإسلام الأساسية أن تحب رسول الله صلى الله عليه وسلم حبا بينه نبى الله فى قوله الكريم (لايؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من أهله وماله والناس أجمعين ) ، ورسول الله جدير بهذا الحب ، أليس هو الذى رفع الله ذكره ، وأعلى قدره ، وقرن اسمه باسمه إذ يقول  { والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين } ، أليس هو الذى حذر الله من مخالفة أمره إذ يقول { لاتجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم‏}(‏ سورة النور‏:63,62 ) ، أليس هو الذى قرن الله طاعته بطاعته فقال { من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا } ، أليس هو الذى سيندم العصاة على مخالفته { يوم تقلب وجوههم فى النار يقولون ياليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا } ، أليس هو الذى قرن الله محبته باتباع هديه والسير وراءه فقال { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم } ، أليس هو الذى أمر الله المؤمنين بالصلاة والسلام عليه { إن الله وملائكته يصلون على النبى ياأيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما } ، صلى عليك الله ياعلم الهدى ما هبت النسائم ، وما ناحت على الأيك الحمائم .

كل القلوب إلى الحبيب تميل *** ومعى بهذا شاهد ودليل
أما الدليل إذا ذكرت محمدا *** صارت دموع العاشقين تسيل
هذا رسول الله هذا المصطفى *** هذا لرب العالمين رسول
ياسيد الكونين ياعلم الهدى *** هذا المتيم فى حماك نزيل


ماذا أقول عنك يارسول الله ؟ وقد أخذ الله من النبيين ميثاقهم فى مشهد ربانى رائع فقال { وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما ءاتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصرى قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين }

هذا النبى الهاشمى محمد *** هذا لكل العالمين رسول
هذا الذى رد العيون بكفه *** لما بدت فوق الخدود تسيل
هذا الذى شرف الوجود بهديه *** منهاجه للسالكين سبيل
هذا الغمامة ظللته إذا مشى *** كانت تقيه إذا الحبيب يقيل
صلى عليك الله ياعلم الهدى *** ما لاح برق فى السماء دليل


إن مثلى ومثلك يارسول الله كمثل أعرابى ضل الطريق فى الصحراء ، فلما طلع عليه القمر اهتدى بنوره ، فقال : ماذا أقول لك أيها القمر ؟ . أأقول رفعك الله ؟ لقد رفعك . أأقول نورك الله ؟ لقد نورك . أأقول جملك الله ؟ لقد جملك . 
وأنا ماذا أقول لك ياسيدى يارسول الله ؟ . أأقول رفعك ؟ الله لقد رفعك { ورفعنا لك ذكرك } . أأقول نورك الله ؟ لقد نورك { قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين } . أأقول جملك الله ؟ لقد جملك { ياأيها النبى إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا . وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا . } .

ياسيدى يارسول الله معذرة *** إذا كبا فيك تبيانى وتعبيرى
ماذا أوفيك من حق وتكرمة *** وأنت تعلوا على ظنى وتقديرى
أقبلت كالفجر وضاح الأسارير *** تدعو إلى الله فى يسر وتبشير
على جبينك نور الحق منبلجا *** وفى يديك لواء العدل والنور


لقد أحبتك القلوب المؤمنة ، وعرفت لك قدرك ، وأجلت فيك إخلاصك وصفاءك ونقاء سريرتك ، وهل تنسى يوم نزلت السوق فسمعت عبدا ينادى وسيده يعرضه للبيع ، والعبد يقول : من أراد شرائى فلا يمنعنى من الصلاة وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاشتراه أحد الناس ، وظل العبد يواظب على الصلاة وراءك لاتفوته تكبيرة الإحرام فى فريضة , ولما بلغك أنه مريض ذهبت بنفسك لتعوده ، ولما توفى صليت عليه لتكون صلاتك شفاعة له فى الآخرة ؟ .
أنت الذى أقمت ميزان العدالة ، ورفعت لواء الحق عندما قرأت على الوجود قول الله تعالى { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } 
نعم لا ننسى يوم دخلت على ثوبان ذلك الغلام المتواضع الفقير ، فرأيته يبكى ، فسألته ( ما يبكيك ياثوبان ؟ ) قال يارسول الله إنك إذا غبت عنى اشتقت إليك فتبكى عيناى ، فإذا تذكرت الآخرة ، وإننى لن أكون معك فى الجنة حيث أنت فى أعلى درجاتها ازداد بكائى .
عندئذ هبط الأمين جبريل بقول الله تبارك وتعالى { ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا . ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما } 

صلوا على من تدخلون بهديه *** دار السلام وتبلغون المطلبا
صلوا عليه وسلموا وترحموا *** تردوا بها حوض الكرامة مشربا
صلى وسلم ذو الجلال عليك ما *** أوفاك دين المذنبين وأوجبا
صلى وسلم ذو الجلال عليك ما *** أحلاك ذكرا فى القلوب وأنسبا
صلى وسلم ذو الجلال عليك ما *** أزكاك فى الرسل الكرام وأطيبا
صلى وسلم ذو الجلال عليك ما *** أحلاك ذكرا فى القلوب وأنسبا


فاتقوا الله أيها المسلمون واعلموا أن ميدان حب رسول الله هو اتباع المحبوب الحبيب المصطفى كما قال الله تعالى { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم } .
وهذا مشهد تمتلئ له النفس روعة وجلالا لصدق الحب الذى امتلأت به قلوب أصحاب الرسول صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله .
روى الإمام مسلم عن ربيعة بن مالك الأسلمى قال : قال لى الرسول صلى الله عليه وسلم ( سل ) . فقلت : أسألك مرافقتك فى الجنة . قال : ( أو غير ذلك ؟ ) . قلت : هو ذاك . قال : ( فأعنى على نفسك بكثرة السجود ) .


ليست هناك تعليقات:

أخبر صديقك: