عرف أنه متجه لزيارة الشيخ أبو الحسن الشاذلي فطلب منه أن يسأل الشيخ أن يدعو له.
فسار الرجل في طريقه حتى وصل إلى الإسكندرية، ونزل على القطب أبي الحسن فوجد من خيرات الله الحسّية والمعنوية، مالا يحيط به الوصف، وبعد قضاء مدة الضيافة، استأذن الشيخ في السفر فسأله الشيخ: ألم يكلفك أحد بشيء؟ ، فحكى له ما دار بينه وبين العابد.
فرفع يديه وقال لأصحابه: إني داع فأمّنوا: اللهم إنزع حب الدنيا من قلبه ... فتعجب الرجل !! وسافر راجعاً حتى وصل إلى كوخ العابد، فسأله عن رحلته. فأخبره بها وكتم عنه حياءً منه ما دعا به الشيخ له، لما يراه من عبادته، ولكن العابد ألّح عليه في معرفة الدعوة التى دعا بها الشيخ له، فذكرها له، فقال: الحمد لله لقد تعرفت الإجابة وأحسست بها في نفسي منذ ذلك الوقت.
فقال الرجل مندهشاً: وما الدنيا التى عندك؟ ، فقال: أنا أصوم النهار، فإذا دنا المغرب ذهبت إلى البحر لأصطاد شيئاً أفطر عليه، فكان الله عز وجل يخرج لي كل يوم سمكة واحدة، كأنها بعينها التى أتحصّل عليها كل يوم، ومهما اجتهدت في الحصول على غيرها لا أستطيع!!.، فكنت كل يوم وأنا ذاهب إلى البحر أتمنى بقلبي أن يرزقنى الله بسمكة أكبر أو بأخرى معها. فلما دعا لي الشيخ لم أعد أجد ذلك الخاطر في نفسي. فزادت دهشة الرجل من أحوال الصالحين وعزم على زيارة الشيخ أبا الحسن في السنة التالية.، وعندما ذهب إليه فوجئ بأن الأكل غير ما اعتاده فهو صنف واحد في كل يوم في الفطور والغداء والعشاء، وتعجب من ذلك وظن في نفسه أن الشيخ لا يريد إكرامه، مع أنه كان يأكل معه، وأدرك الشيخ ببصيرته النورانية ما يختلج بصدره فقال: "نحن قوم نجود بالموجود، ولا نتكلف المفقود".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق