الأحد، 26 أكتوبر 2008

رسالة القواعد الأصلية للقطب النفيس سيدى أحمد بن إدريس رضى الله عنه

رسالة القواعد الأصلية
وصلى الله على مولانا محمد وعلى اله في كل لمحة ونفس وعدد ما وسعه علم الله أما بعد : فالأمر الجامع والقول السامع والسيف القاطع في طريق الله تعالى ان العاقل الذي يريد نجاة نفسه من جميع المهالك ، ويحب أن يدخله الله في سلك المقربين في جميع المسالك اذا اراد أن يدخل في امر من اموره قولا او فعلا ، فليعلم أن الله تعالى لا بد ان يوقفه بين يديه ويسأله عن ذلك الامر ، فليعد الجواب لسؤال الحق تعالى قبل ان يدخل في ذلك الامر ، فإن راي الجواب صوابا وسدادا يرتضيه الحق تعالى ويقبله منه فليدخل في ذلك الأمر فعاقبته محمودة دنيا واخرى ، واما ان راي ان ذلك الجواب لا يقبله الحق تعالى منه ولا يرتضيه ، فليشرد من ذلك الأمر أي امر كان فإنه وبال عليه ان دخل فيه ، وهذه القاعدة هي اساس الأعمال كلها والاقوال ، فمن تحقق بها ورسخ فيها كانت احواله كلها مبينة على السداد ظاهرا وباطنا لا يدخلها خلل بوجه من الوجوه ، وهذا معنى قول النبي (حاسبوا انفسكم قبل ان تحاسبوا وزنوها قبل ان توزن عليكم
(القاعده الثانية) : ان لا يفعل فعلا ولا يقول قولا حتى يقصد به وجه
الله تعالى ، فإن صحح القصد فيه لوجه الله تعالى ،وغسل قلبه من كل شائبة لغير الله ، ورسخ في هذه القاعدة قلبه صار لا يتكلم ولا يفعل فعلا الا عن تثبت وتأن ، وصارت اعماله كلها خالصة لا مخالطة فيها بوجه من الوجوه ، وهذا معنى قول خالقنا جل وعلا لرسوله الأعظم وحبيبه الاكرم
(واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداوة والعشي يريدون وجهه ) أي لا غيره في جميع اموره ، وقال عز وجل ( وما لاحد عنده من نعمة تجزي ) ( الا ابتغاء وجه ربه الأعلى )(ولسوف يرضى )
( القاعدة الثالثة) : ان يوطن قلبه على الرحمة لجميع المسلمين كبيرهم وصغيرهم ويعطيهم حق الاسلام من التعظيم والتوقير ، فإن رسخ في هذه القاعدة واستقام فيها قلبه ،افاض الله سبحانه وتعالى على سائر جسده انوار الرحمة الالهية ، واذاقه حلاوتها ، فنال من الارث النبوي حظاً وافراً عظيماً من قول الله عز وجل وهذا معنى قول رسول الله
ان لله عز وجل ثلاث حرمات فمن حفظهن حفظ الله عليه امر دينه ودنياه ، ومن لم يحفظهن لم يحفظ الله له شيئا ، حرمة الاسلام وحرمتى وحرمة رحمي) وفي هذ المعنى قول النبي لأبي بكر الصديق رضي الله عنه(لا تحقرن احدا من المسلمين فإن صغير المسلمين عند الله كبير)
(القاعدة الرابعة) : مكارم الاخلاق التى بعث بها رسول
الله
لتمامها ، وهو قول النبي " (انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق) وهذه القاعدة هي زبدة الدين ، وحقيقتها ان يكون العبدهينا لينا مع اهل بيته وعبده ومع جميع المسلمين ، قال رسول الله اهل الجنه كل هين لين سهل قريب واهل النار كل شديد قبعثري قالوا وما قبعثري يا رسول الله قال: الشديد علي الاهل الشديد علي الصاحب الشديد علي العشيره) وقال مولانا العظيم(وقولوا للناس حسنا)اي لاقبحا،وقال عز وجل(وقل لعبادي ، يقولوا التى هي احسن)والاحسن الذي جمع الحسن وزياده ، وبالجمله فالذي تحب ان يواجهك الناس به من الكلام الطيب والقول الحسن والفعل الجميل فافعله مع خلق الله تعالي،وما تكره ان يعاملك العباد به من الكلام الخبيث والقول القبيح والفعل الكريه فاتركه فان الله يعامل العبد بوصفه وخلقه الذي يعامل الخلق به،فان المجازاه علي الوصف بالوصف(سيجزيهم وصفهم) (جزاء وفاقا)فمن كان للخلق جنه ورحمه وظلا ظليلا يستريحون فيه كان الله له كذلك،فمن اكرم عبدا لمراعاه سيده فانما اكرم السيد ،وكذلك جاء في الحديث(عن الله عزوجل انه يقول للعبد يوم القيامه:جعت فلم تطعمني واستسقيتك فلم تسقيني ومرضت فلم تعدني،فيقول العبد كيف تجوع وانت رب العالمين وكيف تمرض وانت رب العالمين وكيف تستسقي وانت رب العالمين فيقول له سبحانه وتعالي مفسرا لذلك : اما انه مرض عبدي فلان فلو عدته لوجدتنى عنده،وجاع عبدى فلان فلو اطعمته لوجدت ذلك عندى واستسقاك عبدي فلان اما انك لو سقيته لوجدت ذلك عندي) مفسراسبحانه نفسه في قوله جعت ومرضت واستسقيتك بقوله:جاع عبدي فلان ومرض عبدي فلان واستسقاك عبدي فلان،فمعامله العبد لملاحظه سيده هي معامله السيد بلاشك، فمن رسخ قدمه في هذا المقام صارت معاملته مع الحق جل جلاله في كل شي فلا يراقب غيرالله تعالي ، ومجمع مكارم الاخلاق مع الله تعالي ومع عباده قول النبي (اكرموا الله ان يري منكم ما نهاكم عنه)وهو ان لا يراك سبحانه حيث نهاك ، ولا يفقدك حيث امرك،والامر الذي يبعث العبد علي الحياء من الله تعال هو ان يعلم علم حضور ان الله تعالي علي كل شي رقيب ، وعلي كل شي شهيد ،(وهو قوله تعالي ( )واعلموا ان الله يعلم ما في انفسكم فاحذروه) فاذا شغل العبد قلبه بهذه المراقبه واستعملها حتى اعتادها والفها لزمه الحياء من الله تعالي ان لايقول قولا او لايفعل فعلا لايرضاه الله ولا يليق بجلاله وهو حاضر القلب(وهو معكم اين ما كنتم) فان الله تعالي معه وناظر اليه فان العبد اذا اراد ان يزني مثلا او يسرق والناس ناظرون اليه لا يقدر ان يقدم علي ذلك مع علمه بنظر الناس اليه،فانه يستقبح ذلك من نفسه ويستخبثه،فاذا كان الحال هكذا مع المخلوق الذي لا يملك ضررا و لا نفعا،والحامل له علي ذلك كله مخافه ان يسقط من اعين الناس،ويحط قدره عندهم ، ولا شك انه اذا كان حاضر القلب عند الشروع في الفعل الذي لا يرضاه الله تعالي ترك ذلك الفعل قطعا،وهذا معني قول النبي في الاحسان (ان تعبد الله كانك تراه،فان لم تكن تراه فانه يراك)فمن كان بهذه الحاله لزمه ان يحسن تلك العباده ويتقنها علي قدر قوه علمه ان الله ناظر اليه ، وبالله التوفيق،وصلي الله علي مولانا محمد واله وسلم في كل لمحه ونفس عدد ما وسع علم الله .


ليست هناك تعليقات:

أخبر صديقك: